اتبرع
لشراء
او
صيانه
جهاز
طبي
حديث

الجذور
تاريخ الانتاج الفكرى

 عاش مصطفى محمود في مدينة طنطا إلى جوار مسجد السيد البدوي الذي يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر مما ترك فيه نفسه أثرا واضحا ظهر في توجهاته وأفكاره ولقد تحدث مصطفى محمود عن تكوينه الفكري وعن طفولته التي هي مفتاح ذلك التكوين قائلا : لا اذكر من طفولتي إلا الأحلام التي كنت أتخيل فيها أنى عالم ومخترع أو رحال أو بطل من إبطال التاريخ كما أذكر حبي للموسيقى وللشعر ، وفى صباي تعلمت العزف على الناي وفى شبابي درست العزف على العود ، وكنت أكتب في أيام الدراسة الابتدائية الزجل والشعر وفى الثانوية القصص والمقالات والمسرحيات وهويت العلوم ، وأنشأت معملا للكيمياء والبيولوجيا في بيتى وكنت أحضر الغازات واشرح الضفادع ، نشرت لي أول قصة في مجلة الرسالة عام 1947 ثم بعد ذلك نشرت القصة الثانية في جريدة المصري ، ثم اشتغلت في أخر ساعة وأخبار اليوم وفى عام 1952 كنت احد مؤسسي مجلة التحرير وفى عام 1956 اشتغلت بمجلة روزاليوسف.

كانت حياتي الأدبية خلال ثلاثين عاما هجرة مستمرة نحو إدراك الحياة والبحث عن الحقيقة وكان كل كتاب محطة على طريق هذا السفر الطويل.


يتحدث الدكتور مصطفي عن تاريخه و يقول:اتت المجموعة الأولى من الكتب التي صدرت لي فيما بين 1954- 1958 تمثل المرحلة العلمانية وفيها قدمت كتبي .. الله والإنسان – إبليس ومجموعة قصص أكل عيش وعنبر 7 وفى هذه القصص حاولت أن اصور المجتمع من منظور واقعي صرف وكان موقفي من المسلمات الدينية هو موقف الشك والمناقشة وكانت المرحلة التالية هي بداية الشك فقد اتضح لي عجز الفكر العلمي المادي عن أن يقدم تفسيرا مقنعاً للحياة والموت والإنسان والتاريخ وفى هذه المرحلة وقفت أمام الموت منكرا ومستنكرا أن يكون الإنسان هو هذه الجثة التي أرها أمامي وهو مجموعة عناصر الكربون والهيدروجين والأكسجين ... إلى أخر العناصر العشرين التي تتآلف منها طينيا وترابا لا يمكن أن يكون الإنسان هو مجرد هذه الأحشاء الملفوفة في قرطاس من الجلد ، وإنما الحقيقة الإنسانية لابد أن تكون مجتازة لكل هذا القالب المادي المحدود وعلينا أن نبحث عن هذه الحقيقة فيما قبل الميلاد وفيما بعد الموت ، وفى هذه المرحلة كتبت مؤلفاتي.

لغز الموت – لغز الحياة ورواية المستحيل وتكاد تبوح رواية المستحيل فيما بين سطورها بهذا العطش الصوفي والروح الرومانتيكية.

وتستمر هذه المرحلة إلى أوائل الستينات وفى 1962 أهاجر هذه المرة بالقدم والجسد في محاولة لاستكشاف الحقيقة في الغابات الاستوائية العذراء ... ويعقب ذلك رحلة أخرى إلى قلب الصحراء الكبرى  ... وتكون ثمرة هذه الرحلات ثلاث كتب هي الغابة – ومغامرة في الصحراء – وحكايات مسافر.

ثم بعد ذلك تأتى المرحلة الرابعة التي أحاول أن أركب فيها سفينة العلم لأهاجر إلى ما وراء العلم في مغامرة لأكتب لونا جديدا من أدب الرواية العلمية فكانت " العنكبوت والخروج من التابوت ورجل تحت الصفر ، واينشتين والنسبية "

ثم تواكب هذه المرحلة وتأتى بعدها مرحلة أدبية قدمت فيها معظم اعمالى الدراسية وفيها مسرحية الزلزال ومسرحية الإنسان والظل ومسرحية الاسكندر الأكبر ومجموعة قصص مثل رائحة الدم وشلة الأنس ورواية اجتماعية مثل الأفيون.

وفى أخر الستينات ادخل عالم الأديان في سيرة طويلة نبدا بالفدايات الهندية والبوذية والزرادشتية والنيوصوفية واليوجا ثم اليهودية والمسيحية والإسلام .. وانتهى إلى شاطئ القرآن الكريم .. لأجد لكل ما كنت أبحث عنه من مشاكل ازلية.

وهكذا تأتى مرحلة التحول الكامل إلى الإيمان وتوالى مجموعة كتب الإسلاميات القرآن محاولة لفهم عصري ، رحلتي من الشك إلى الإيمان – الله – محمد – الكنيسة – التوراة – الشيطان يحكم – الروح والجسد .. حوار مع صديقي الملحد وفى هذه المرحلة اتخذت موقفا صريحا مناهضا ومضادا للفكر المركسي والفكر الشيوعي وأقدم : الماركسية والإسلام – لماذا رفضت الماركسية أكذوبة اليسار الإسلامي ، كما أناقش كل ألوان الغزو الفكري من وجودية إلى عبثية إلى فوضوية إلى مذاهب الرفض والتمرد واللامعقول.

ثم بعد ذلك وفى أواخر السبعينيات تأتى مرحلة الصوفية فأقدم الثلاثية الصوفية – السر الأعظم – رأيت الله – الوجود والعدم – وأسرار القرآن – القرآن كائن حي ... ومجموعات قصص مثل نقطة الغليان وأناشيد الإثم والبراءة ومسرحيات مثل الشيطان يسكن في بيتنا – الطوفان – ودراسات في الحب مثل عصر القرود ورواية سياسية مثل المسيح الدجال.